مقالات

ثقافة

رواية

أحدث المواضيع

هل استلهم دانتي «معراج» أبي القاسم القشيري في «الكوميديا الإلهية»؟

9:17 ص اضف تعليق


روما: موسى الخميسي

في خطوة استباقية، أعلنت رئاسة الجمهورية الإيطالية، تقديم بدء احتفالاتها سنة كاملة، بمناسبة الذكرى 700 لوفاة شاعر إيطاليا الكبير دانتي (1265 ـ 1321)، الذي وصفه رئيس الجمهورية سيرجو ماتاريلا بـ«مصدر إلهام لكل الأجيال من الشعراء والفنانين والسياسيين من الذين بنوا وحدة إيطاليا. وهو الأب والركيزة الأساسية لها. لقد انبعثت روح دانتي من إيطاليا إلى العالم، وأضاءته بالشعر والجمال والعاطفة والشجاعة». وقد بدأت الاحتفالات التي ستستمر حتى نهاية شهر سبتمبر (أيلول) من العام المقبل، ببرنامج موسيقي أوركسترالي أوبرالي، لعدد كبير من الأعمال الموسيقية الكلاسيكية والأوبرالية المحلية والعالمية التي استلهمت من «الكوميديا الالهية»، في إحدى قاعات قصر الكورينالي الجمهوري.

ويتزامن هذا الاحتفال مع احتفالات أخرى تنظم في كل من مدينة فلورنسا، ومدينة رافينا، ومدينة أسيسي، وتتضمن ندوات ومحاضرات، وقراءات شعرية، وعرض أفلام روائية ووثائقية، جنباً إلى جنب أعمال موسيقية غنائية كورالية، وافتتاح معارض فنية غرافيكية تنظمها بلديات هذه المدن، بالاشتراك مع منظمات ومكتبات ومسارح محلية وعالمية.

ولد دانتي أليغييري بتاريخ 12 مايو (أيار) سنة 1265 في عائلة لها باع طويل من الانخراط في المشهد السياسي المعقد لمدينة فلورنسا، وقد انعكس هذا الأمر في فصل «الجحيم» من كتابه الفخم «الكوميديا الإلهية» الذي ألفه لاحقاً.

توفيت والدته بعد ولادته بسنوات قليلة، وعندما بلغ من العمر 12 عاماً، جرى ترتيب زواجه من جيما دوناتي، ابنة إحدى العائلات الفلورنتينية. إلا أن دانتي كان هائماً في غرام امرأة أخرى، اسمها بياتريسا، التي ستكون صاحبة تأثير كبير عليه، وستشكل شخصيتها أساس ملحمة الكوميديا الإلهية. وكان حب دانتي لها سامياً ومخلصاً، ولكن تشاء الظروف أن تتوفى بياتريسا سنة 1290، فحزن دانتي حزناً عظيماً، وعبر عن مشاعره في كتابه «حياة جديدة»، الذي نشر سنة 1295. وفيه يعبر عن وقائع وأحداث السيرة الذاتية، فهي تحكي حياة دانتي الروحية، وقد نظمت في 42 فصلاً بنثر مترابط في قصة متجانسة، تشرح سلسلة من القصائد المركبة والمنظومة في أوقات مختلفة.


في ذلك الوقت، اشتدت المكائد التي كانت تحاك بمدينة فلورنسا، وعمت الفوضى والاضطرابات أرجاء هذه الإمارة المستقلة، خصوصاً مع وجود جماعات متصارعة يمثل كل منها الإمبراطور أو البابا. وشغل دانتي آنذاك عدداً من المناصب المهمة في فلورنسا، غير أنه فقد شعبيته في عام 1312، ونفي إلى خارج المدينة على يد قادة جناح فصيل سياسي كان مسيطراً على الحكم، ومتحالفاً مع البابا بونيفاس الثامن (سيُذكر هذا البابا إضافة إلى شخصيات سياسية أخرى في فصل الجحيم ضمن كتاب «الكوميديا الإلهية»). فالتجأ إلى مدينة بولونيا سنة 1304التي كانت معقل المثقفين المنفيين. عزف دانتي عن ممارسة أي نشاط سياسي، وباشر تأليف الكتب، وتخيل في ذهنه الملامح الأولى للكوميديا الإلهية. وهناك بدأ بتأليف كتابه اللاتيني «اللهجة العامية»، الذي طرح فيه إمكانية إضافة بعض جوانب اللهجات الإيطالية المحكية غير المستخدمة في السياقات الأدبية، إلى الإيطالية العامية المستخدمة في قسم من المؤلفات، بحيث تغدو الإيطالية لغة أدبية رصينة. ووفقاً لدانتي، ستكون اللغة الجديدة إحدى الوسائل التي يمكن اللجوء إليها لتوحيد الأراضي الإيطالية المنقسمة.

في عام 1306، طرد جميع منفيي فلورنسا من مدينة بولونيا، فانتقل دانتي إلى مدينة رافينا، ولكن حياته بعد ذلك بعدة سنوات كانت غامضة ومجهولة، إذ تؤكد بعض الأخبار أنه أمضى عامين في باريس من سنة 1307 إلى 1309، وأثناء وجوده، اطلع على كتاب «المعراج» لأبي القاسم عبد الكريم القشيري، المترجم إلى الفرنسية التي كان يجيدها دانتي إجادة تامة، والكتاب كما يؤكد المستشرق الإسباني مانويل آسين بلاثيوس، الذي ألف كتاب «دانتي والإسلام» عام 1927، يشير إلى مصادر دانتي العربية، من خلال وجود تشابه كبير بين «الكوميديا الإلهية» وموضوعات عربية، استيقت من كتاب «المعراج». وقد ساد صمت وتكتم امتد إلى عام 1949، حيث عثر على مخطوطات يدوية تحمل عنوان «معراج محمد» مترجمة عن اللغة اللاتينية، بعدة نسخ في عدة بلدان أوروبية، إضافة إلى مكتبة الفاتيكان، تحمل تاريخ العام الذي ولد فيه دانتي. وهذه الأوراق المستنسخة بخط اليد تعكس التشابه الكبير بين الكوميديا وكتاب المعراج. في عام 1949 ظهر كتاب باللغة الإيطالية تحت عنوان «المعراج والمصادر العربية الإسلامية للكوميديا الإلهية»، قام بتأليفه المستشرق الإيطالي إنريكو جيرولي، وكان حينها سفير بلاده لدى إيران، ويحمل تكراراً لما كتبه المستشرق الإسباني بلاثيوس. وقبل سنتين من هذا الحدث، قام المستشرق الإنجليزي نيكلسون، بنشر مقال تحت عنوان «الجذور الفارسية لدانتي».

ومن المعروف، أن الكوميديا الإلهية عمل ملحمي شعري يصّور الحياة الإنسانية وفقاً للرؤية المسيحية للحياة الآخرة، وقد كانت أشبه بصرخة تحذير تدعو المجتمع الغارق في الفساد إلى سلوك طريق البر والصلاح. يتبع القارئ في هذا العمل رحلة دانتي عبر الحياة الآخرة، التي تقسم إلى 3 عوالم هي: الجحيم، والمطهر، والفردوس. ويقود الشاعر الروماني فيرجل، دانتي، في رحلته عبر الجحيم والمطهر، في حين تقوده بياتريس في رحلته عبر الفردوس.

وتبدأ هذه الرحلة من الليلة التي تسبق الجمعة العظيمة إلى يوم الأربعاء بعد عيد الفصح في ربيع عام 1300. يسود بنية العوالم الثلاثة في الآخرة نمط مشترك مكون من 9 طبقات (حلقات)، وحلقة عاشرة؛ فالجحيم مثلاً مكون من 9 طبقات يليها مكان وجود الشيطان في قاع الجحيم، وكذلك يتكون المطهر من 9 طبقات توجد في أعلاها حديقة عدن، أما الفردوس فتوجد فيه 9 طبقات يليها عرش الرب. تتألف الكوميديا الإلهية من 100 أنشودة كتبت وفق مقياس معروف باسم «اللحن الثالث»، حيث يظهر الرقم 3 في كل أجزاء العمل. في الجحيم، يقود «فيرجل» دانتي مع مجموع من الخطاة خلال الرحلة، ويتبادلون الحديث مع بعض الشخصيات. كل حلقة في الجحيم خاصة بأُناس ارتكبوا خطيئة محددة، ولم يدخر دانتي ما يمتلكه من إبداع فني في وصف مشهد العقاب وصياغته شعرياً لكل حلقة. وفي المحطة الأخيرة في الجحيم، يقابل دانتي وفيرجيل الشيطان مدفوناً في الجليد حتى خصره، ويرقد إلى جواره كاسيوس ويهوذا وبروتوس، أكبر الخونة في التاريخ. بعد الجحيم، ينتقل دانتي وفيرجيل إلى المطهر، وهو عبارة عن جبل متدرج مكون من 7 طبقات يسودها العذاب والتطهر الروحي (تركز الطبقات إلى الخطايا السبعة).

وخلال الرحلة، يقابل دانتي بعض الشخصيات التي كانت بارزة في مجالات الثقافة والعدل والمحبة مثل توما الأكويني، والملك سليمان، والجد الأكبر لدانتي. وفي نهاية الرحلة، يقابل دانتي شخصية أدبية من القرن الثالث عشر، كان شاعراً وكاتباً، ورجل سياسة، فلورنسي الأصل، يعتبر أكبر شاعرٍ في اللغة الإيطالية، ولهذا السبب لقّب بأكبر وأرقى شاعر. وهذا الشاعر هو دانتي إليغييري.

وتوفي دانتي في 14 سبتمبر (أيلول) 1321 برافينا، بعد عودته من فينيسيا عن عمر يناهز 56 عاماً، بعد إصابته بمرض الملاريا، ودفن في كنيسة القديس بير مجيور في مدينة رافينا.


المصدر: جريدة الشرق الاوسط

أطلال سامر أبو هوّاش

9:10 ص اضف تعليق

 صدرت عن منشورات المتوسط -إيطاليا، المجموعة الشعرية الجديدة للمترجم والشاعر الفلسطيني سامر أبو هوّاش، وحملت عنوان "أطلال"، والإصدار الجديد هو الكتاب الثاني للشاعر ضمن سلسلة براءات التي تُصدرها المتوسّط، بعد "ليس هكذا تصنع البيتزا" سنة 2017.

 


تتكشَّفُ قصائد سامر أبو هوّاش، في هذه التجربة الجديدة، المُنفصِلة والمُكمِّلة في آنٍ واحدٍ لمشروعه الشعري، من خلالِ عتبةِ العنوان الذي جاء بخلافِ جلّ عناوين أبو هوّاش السابقة، هكذا بكلمةٍ تجمعُ في مفردتها تاريخاً من انهيار المُشيَّد في الحياة، وتآكلِ جوانبهِ، وتحوُّله إلى: أطلال. ولتكون للشاعر أطلالهُ، بكتابةٍ داخلية مكثفَّة، تنزعُ إلى مجازاتٍ مقتصدةٍ ولغةٍ تميلُ إلى استنطاقِ الصمت، حيثُ مع كلِّ سطرٍ تشعر بالمرارة وأنت تسخر من هذا العالم.

 

"البحيرةَ التي انتظرْنَاها طَويلاً جِداً لَمْ تَعدْ أكثرَ مِنْ ضَبابٍ يَتمدّدُ، كرَقصةٍ بَطيئةٍ، على جَانِبَيْ حَياةٍ،/ لَمْ تَعُدْ هنا". كلُّ شيء غادرَ، أو على أهبةِ الذَّهاب، لا شيء يأمنُ في بقائه لشيء، حتى المُدن والجدران والأشياء كما الأشخاص تغادر، وتترك مساحةً يحتلُّها الفراغ، يصعبُ تجاوزها وقد تحوَّلت إلى ذكرياتٍ تحملُها على ظهركَ فتُقوِّسه، وأنت تمشي في طريق الحياة، غير آبهٍ، كمن يجمعُ الهواء.

 

لكن الكتابة عند سامر أبو هوَّاش هي فعل استمرارٍ وجدالٍ وإلحاح "كضوءٍ سيَّارةٍ،/ يَظلُّ يَعبرُ/ تَحتَ قمَرٍ مُكتَمِلِ اليباسْ".

 

"أطلال" مجموعة شعرية جديدة للشاعر الفلسطيني سامر أبو هوّاش، صدرت في 112 صفحة من القطع الوسط، ضمن سلسلة "براءات" التي تصدرها الدار منتصرةً فيها للشعر، والقصة القصيرة، والنصوص، احتفاءً بهذه الأجناس الأدبية.

 

من الكتاب:

أَفَقتُ على سَرَابِ دَمعَةٍ،

وَكَانَت الأَرضُ مَنهوبَةً

بأشبَاحِ ذكرَيَاتٍ

تَتَلألأُ بَاهتَةً،

كَشَمسٍ قَديمَةٍ مُلقَاةٍ كمِعطَفٍ

أتلفَهُ الأسَى

على كُرْسيّ مَهجورْ.

 

وَكَانتْ صَبّارةٌ يَتيمَةٌ

على عَتَبةٍ مُتوَهّمَة؛

حَيثُ ظلالٌ تَعبرُ خِلسَةً

بَيْنَ جِدَارَينِ

أو بَيْنَ حَياتَينِ مُعَارَتَينِ،

وحيثُ لَمَسَاتٌ تَتَبَخّرُ كَلمَاتٍ

وشُرفاتٍ هَشّةً وفقاعات:

حتى تَصيرَ خِفّةً خَالصَةً

في ميزَانِ الهَوَاءْ.

 

سامر أبو هواش: شاعر وكاتب وصحفي فلسطيني، ولدَ في لبنان عام 1972، عملَ طويلاً في الصحافة الثقافية وترأس تحرير ملاحق ثقافية عديدة في جريدة السفير، والمستقبل، والنهار، وزهرة الخليج، ونداء الوطن، كما عملَ مديرَ تحرير موقع الإمارات 24، (2012 - 2017). لهُ مجموعة كبيرة من المؤلفات تجاوزت 30 عنواناً في كل من الرواية والشعر والتراجم. منها: "سوف أقتلك أيها الموت". "سيلفي أخيرة مع عالم يحتضر"، "السعادة أو سلسلة انفجارات هزت العاصمة"، "ليس هكذا تصنع البيتزا". حصل على مجموعة من التكريمات وجوائز التقدير، منها تكريم وزارة الإعلام اللبنانية عام 2000.

قصيدتان لمحمد ديب

9:01 ص اضف تعليق



 ترجمة: مبارك وساط


عاينتُ الجَزع


----------


عاينتُ الجَزع


المتمرّدَ القاتم


وهو يُحْرِق عينيك


فيما، بتأنّ


يهيم وئيدا


لِصْقَ الثّرى


ويسري في الفضاء


الذي أصبح من رماد


نشيدُ براءة




 


ضوء معاكس


--------------


تظهرُ الطّيور


تشتعل شُعلة


وها هي المرأة


.


بلا اسم ولا ارتباطات ولا شراع


تهيم بعينين مغمضتين


المرأة التي 


تغطّيها طراوة البحر


.


لكن فجأةً تظهر الطّيور من جديد


وتتمدّد هذه الشّعلة 


التي هي أكثر من ملموحة 


في عمق الغرفة


.


وها هو البحر،


البحر بيديه المنوِّمتين 


يحمل الشّمس


وما من مشرق ولا شرق، 


ما من متراس ولاحاجز، 


إنّه البحر؛


.


وحده البحر المجلّل بالظّلمة، الرّقيقُ


السّاقِط من بين النّجوم، 


الشّاهد على حالات البتر 


التي تتعرّض لها السّماء، 


عزلة، أحاسيس سبقيّة، همس خفيف:


.


ذاك البحر ولا شيء آخر


بعيونه المُطفأة،


بلا موج ولا ريح ولا شراع


.


وفجأةً، تظهر الطّيور من جديد؛


وها هي المرأة،


إنّها ليست نجمة ولا حُلماً، 


ليستْ عينَ ماء حارّ


ولا عَجَلةً، المرأة.


.


وتعود العصافير؛


وما من شيء سوى البحر.


-------------------------------------




- ملاحظة: النقط الفاصلة، أعلاه، بين مقاطع هذه القصيدة، من إضافتي، وهي وسيلة فقط


للفصل بين هذه المقطوعات، فالفيسبوك لا يحترم البياضات داخل النّصوص، ولذا وجب 


اللجوء إلى المُداورة!